منتديات زيوس

أوراق فلسطينية 626202547


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات زيوس

أوراق فلسطينية 626202547

منتديات زيوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات زيوس

منتدى زيوس - برامج مجانية - ألعاب مجانية - كتب إلكترونية مجانية - برامج ستلايت - خلفيات وصور


2 مشترك

    أوراق فلسطينية

    الملكة هيرا
    الملكة هيرا

    أوراق فلسطينية Stars6


    الجنس : انثى
    عدد المساهمات : 616
    تاريخ التسجيل : 01/05/2010
    المزاجالحمد الله

    جديد أوراق فلسطينية

    مُساهمة من طرف الملكة هيرا السبت فبراير 05, 2011 8:29 am



    أوراق فلسطينية




    أوراق فلسطينية Bay-leaves




    ورقة من الرملة


    اوقفونا صفين على طرفي الشارع الذي يصل الرملة بالقدس ، وطلبوا منا ان نرفع ايدينا متصالبة في الهواء ، وعندما لاحظ احد الجنود اليهود ان امي تحرص على وضعي امامها كي اتقي بظلها شمس تموز، سحبني من يدي بعنف شديد ، وطلب مي ان اقف عل ساق واحدة ، وان اصالب ذراعي فوق رأسي في منتصف الشارع الترب . .
    كنت في التاسعة من عمري يومذاك , ولقد شهدت قبل اربع ساعات فقط كيف دخل اليهود الى الرملة , وكنت ارى وانا واقف هناك في منتصف الشارع الرمادي كيف كان اليهود يفتشون عن حلى العجائز والصبايا , وينتزعونها منهن بعنف وشراسة , وكان ثمة مجندات سمراوات يقمن بنفس العملية ، ولكن في حماس اشد . وكنت ارى ايضاً كيف كانت امي تنظر باتجاهي وهي تبكي بصمت , وتمنيت لحظتذاك لو استطيع ان اقول لها اننى على ما يرام , وان الشمس لا تؤثر في ، بالشكل الذي تتصوره هي . .
    كنت انا من تبقى لها , فأبي قد مات قبل بدء الحوادث بسنة كاملة , واخي الكبير اخذوه اول ما دخلوا الرملة , لم اكن اعرف بالضبط ماذا كنت اعني بالنسبة لامي , لكني الأن لا استطيع ان اتصور كيف كانت الامور ستجري لو اني لم اكن عندها ساعة وصلت دمشق , لابيع لها جرائد الصباح وانا انادي وارتجف قرب مواقف الباصات . .
    لقد بدأت الشمس تذيب صمود النساء والشيوخ . . وارتفعت من هنا وهناك بعض الاحتجاجات اليائسة البائسة , كنت ارى بعض الوجوه التي اعتدت ان اراها في شوارع الرملة الضيقة وتبعث في الآن شعوراً دقيقاً من الاسى, لكنني ابداً لن استطيع تفسير ذلك الشعور العجيب الذي تملكي، ساعة رأيت مجندة يهودية تعبث ضاحكة بلحية عمي ابي عثمان . .
    وعمي ابو عثمان ليس عمي بالضبط ، ولكنه حلاق الرملة وطبيبها المتواضع , ولقد تعودنا على ان نحبه منذ وعيناه وان نناديه بعمي احتراماً وتقديراً , كان واقفاً يضم الى جنبه ابنته الاخيرة ، فاطمة , صفيرة سمراء تنظر بعينيها السوداوين الواسعتين الى اليهودية السمراء . .
    - ابنتك ؟ !
    وهز ابو عثمان راسه بقلق , ولكن عينيه كانتا تلتمعان بتكهن قاتم عجيب ، وببساطة شديدة رفعت اليهودية مدفعها الصغير، وصوبته الى رأس فاطمة , وصوبته الى رأس فاطمة ,الصغيرة السمراء ذات العيون السوداء المتعجبة دائماً. .
    في تلك اللحظة ، وصل احد الحراس اليهود في تجواله امامي, واستلفت نظره الموقف ، فوقف حاجباً عي المنظر، ولكنني سمعت صوت ثلاث طلقات متقطعة دقيقة ، ثم تيسر لي ان ارى وجه ابي عثمان يتموج بآسى مريع ، ونظرت الى فاطمة ، مدلى رأسها الى الامام ، ونقاط من الدم تتلاحق هابطة خلال شعرها الاسود الى الارض البنية الساخنة .
    وبعد هنيهة ، مر ابو عثمان من جانبي . حاملاً على ساعديه الهرمتين جثة فاطمة ، الصغيرة السمراء : كان صامتاً جامداً ينظر امامه بهدوء رهيب ، وما لبث ان مر بي غير ناظر الي البتة ، وراقبت ظهره المنحني وهو يسير بهدوء بين الصفين الى اول منعطف ، وعدت انظر الى زوجته جالسة على الأرض ورأسها بين كفيها تبكي بأنين مقطع حزين ، وتوجه جندي يهودي نحوها، واشار لها ان تقف . . ولكن العجوز لم تقف ، كانت يائسة الى آخر حدود اليأس .
    هذه المرة , استطعت ان ارى بوضوح كل ما حدث , ورأيت بعيني كيف رفسها الجندي بقدمه , وكيف سقطت العجوز على ظهرها ووجها ينزف دماً , ثم رأيته , بوضوح كبير , يضع فوهة بندقيته في صدرها , ويطلق رصاصة واحدة ..
    في اللحظة التالية , توجه الجندي ذاته نحوي ، وبهدوء شديد طلب مني ان ارفع ساقي التي انزلتها للارض دون ان اشعر وعندما رفعت ساقي راضخاً ، صفعني مرتين ، ومسح ما علق على ظاهر يده من دم فمي , بقميصي , وشعرت باعياء مدمر لكنني نظرت الى امي , هناك بين النساء , رافعة ذراعيها في الهواء كانت تبكي بصمت ولكنها في تلك اللحظة ضحكت من خلال بكائها ضحكة صغيرة دامعة , وشعرت بساقي تلتوي تحت ثقلي , وبألم فظيع يكاد يقطع فخذي ، لكنني ضحكت ايضاً , وتمنيت مرة اخرى لو انني استطيو ان اركض الى امي , فاقول لها انني لم اتالم كثيراً من الصفعتين ، وانني على ما يرام , وارجوها باكياً ان لا تبكي, وان تتصرف كما تصرف ابو عثمان قبل هنيهة .
    وقطع افكاري مرور ابى عثمان من امامي عائداً الى مكانه بعد ان دفن فاطمة ,
    وعندما حاذاني , غير ناظر الي البتة , تذكرت انهم قتلوا زوجته , وان عليه ان يواجه مصاباً جديداً الآن , وتابعته مشفقاً , خائفاً بعض الشيء ، الى ان وصل الى مكانه فوقف هنيهة مولياً ظهره المحدودب المبلول بالعرق , لكنني استطعت ان اتصور وجهه : جامداً صامتاً مزروعاً بحبيبات من العرق اللامع , وانحنى ابو عثمان ليحمل على ذراعيه الهرمتين جثة زوجته التي طالما رأيتها متربعة امام دكانه تنتظر انتهاءَه ه من الفداء كي تعود الى الدار بالآوان الفارغة ، وما لبث ان مر بي ، وللمرة الثالثة , لاهثاً لهاثاً رفيعاً متواصلاً وحبيبات العرق مزروعة في وجهه المغضن , وحاذاني , غير ناظر الي البتة ، وعدت مرة اخرى اراقب ظهره المنحني المبتل بالعرق وهو يسير الهوينا بين الصفين .
    لقد كف الناس عن البكاء..
    وخيم سكون فاجع عى .النساء والشيوخ. .
    وبدا كأنما ذكريات ابي عثمان تنخر في عظام الناس باصرار, هذه الذكريات الصغيرة التي حكاها ابو عثمان لكل رجال الرملة وهم مستسلمون له على كرسي الحلاقة . . هذه الذكريات التي بنت لنفسها عالماً خاصاً في صدور كل الناس هنا . . هذه الذكريات بدت كأنما تنخر في عظام الناس باصرار.
    لقد كان ابو عثمان , كل عمره , رجلاً مسالماً محبوباً , كان يؤمن بكل شيء , واكثر ما آمن بنفسه , لقد بنى حياته من اللاشيء , فعندما قذفته ثورة جبل النار الى الرملة كان قد فقد كل شيء , وبدأ من جديد: طيباً كاي غرسة خضراء في ارض الرملة الطيبة ، وكسب حب الناس ورضا الناس , وعندما بدأت حرب فلسطين الأخيرة ، باع كل شيء ، واشترى اسلحة كان يوزعها على اقاربه ليقوموا بواجبهم في المعركة ، لقد انقلبت دكانه الى مخزن للمتفجرات والأسلحة , ولم يكن يريد لهذه التضحية أي ثمن , كل ما كان يطلب هو ان يدفن في مقبرة الرملة الجميلة المزروعة بالاشجار الكبيرة , هذا كان كل ما يريده من الناس . . كل رجال الرملة يعرفون ان ابا عثمان لا يريد الا ان يدفن في مقبرة الرملة عندما يموت .
    هذه الاشياء الصغيرة هي التي اسكتت الناس ، كانت وجوهم المبلولة بالعرق تنوء تحت ثقل هذه الذكرى . . ونظرت الى امي ، واقفة هناك ، رافعة ذراعيها في الهواء , شادة قامتها كأنها وقفت الآن ، تتابع ابا عثمان بنظرها . . صامتة كأنها كوم رصاص , وعدت انظر الى بعيد ، ورأيت ابا عئمان واقفاً امام حارس يهودي يحادثه ويشير الى دكانه ، وما لبث ان سار وحيداً باتجاه الدكان ، وعاد حاملاً فوطة بيضاء لف بها جثة زوجته . . وتابع طريقه الى المقبرة .
    ثم لمحته عائداً من بعيد , بخطواته الثقيلة وظهره المنحني وساعديه الساقطتين الى جنبيه باعياء , واقترب مني بطيئاً كما كان يسير, شيخاً اكثر مما كان ، معفراً مفبراً يلهث لهاثاً طويلاً رفيعاً ، وعلى صدريته نقاط كثيرة من الدم الممزوج بالتراب . .
    ولما حاذاني ، نظر الي كأنه يمر بي للمرة الاولى ويراني , واقفاً هناك ، في منتصف الشارع تحت سطح شمس تموز المحرقة : معفراً مبلولاً بالعرق ، بشفة مجروحة مدلاة تجمد عليها الدم ، واطال النظر وهو يلهث ، كانت في عينيه معان كثيرة لم استطع فهمها لكنني احسستها وما لبث ان عاد الى مسيره , بطيئاً مغبراً لاهثاً, فوقف , وادار وجهه للشارع , ورفع ذراعيه وصالبهما في الهواء.


    * * * * * *


    لم يتيسر للناس ان يدفنوا ابا عثمان كما اراد, ذلك انه عندما ذهب الى غرفة القائد ليعترف بما يعرف ، سمع الناس انفجاراً هائلاً هدم الدار وضاعت اشلاء ابي عثمان بين الانقاض .
    وقالوا لامي، وهي تحملني عبر الجبال الى الاردن ، ان ابا عثمان عندما ذهب الى دكانه قبل ان يدفن زوجه ، لم يرجع بالفوطة البيضاء، فقط .

    ."هذا النص...مقتطف عن رواية فلسطينية تعذر على معرفة صاحبها
    "[/center]
    زيوس
    زيوس

    أوراق فلسطينية Stars13


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 1634
    تاريخ التسجيل : 12/03/2010
    المزاجشاعري

    جديد رد: أوراق فلسطينية

    مُساهمة من طرف زيوس السبت فبراير 05, 2011 4:26 pm

    مشكورة هيرا موضوع مميز

    شكرا على المجهود

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:06 pm